الثلاثاء، 17 فبراير 2015

لماذا ينجح البعض ويفشل أخرون في كندا؟ الحلقة الثالثة



 يقوم موقع كندا بالعربي بنشر سلسلة مقالات نشرها الصحفي مفيد فوزي ضمن كتابه :كندا حلم المهاجرين , وهو يتناول فيها بواقعية شديدة احوال المهاجرين العرب في كندا وينظر في العوامل التي تقودهم الي النجاح أو تجرهم الي الفشل. فيما يلي الحلقة الثالثة من المقالات:

سادسا
أن الف باء النجاح في الهجرة هو التأقلم علي المجتمع الكندي, ان الذي يرفض الحياة الكندية ترفضه كندا!!
ان صداقة الجو القاسي, واجبة. فشهور الثلج والمطر والعواصف الرهيبة أكثر من شهور الانطلاق والربيع.
الشتاء في كندا, غير محتمل برغم كل وسائل التدفئة الصناعية داخل البيوت. وحتي أيام الربيع لا تخلو من المفاجات المذهلة في الطقس مابين شمس ساطعة ومطر يستمر أياما.
ان قدر هذه البقعة من العالم ,التي قال عليها فولتير: كندا هي أفدنة من الثلج, أن تصبح أسطورة جليدية مخيفة قهرها الانسان بالعلم والسواعد والاصرار!!

قابلت أكثر من أسرة مصرية فر منها واحد أو اثنان, وعاد الي مصر لأنه لم يحتمل قسوة البرد والعواصف الثلجية.

يقول لي عادل أباظة وهو مهندس كيماوي (7 سنوات في كندا): كان الشهر الأول بعد وصولي الي كندا أقسي امتحان عشته في حياتي, لو استبشعت الجو- وهو بالقطع بشع- لطاوعت نفسي وقررت "الهجرة" الي مصر, الي السماء الصافية, الساطعة الشمس, الحنونة المطر, الدافئة!!
لكني بصبر شديد وجلد أشد قررت الاحتمال حتي صار الجو جزءا من شخصية كندا تأقلمنا عليه.

والتأقلم علي الحياة الكندية لا يقتصر علي الطقس فقط, ولكن علي تقاليد التعليم التي تسمح بحريات واسعة للأولاد في سن مبكرة. ان معظم العائلات المصرية التي قابلتها تعيش في ذعر شديد من الحريات التي اجتذبت أولادهم وبناتهم...

علي المهاجر أيضا أن يحتمل صرامة النظام الكندي. مخالفات السيارات تحصل في الحال, اقلاق الجيران مخالفة لها غرامة, اهدار القيم له غرامة شديدة. التساهل والتسامح,  والتنازل وكل هذه القيم البسيطة المصرية في المعاملات لا وجود لها تحت سماء كندا!

انه مجتمع من الأقليات تربطه مصالح مشتركة, ومن هنا فالرابطة الانسانية غير موجودة. والمجتمع نفسه بلا هموم روحية. انه مجتمع يشبه معسكر عمل دولي له قواعد صارمة.

 والحديث عن النجاح والاخفاق تحت سماء كندا ...طويل!

ان الهجرة ليست نزوة, ولا مغامرة ولا رحلة ولا نزهة. انها موقف ولها أسلحة النجاح والا اخفق المهاجر!

ملاحظة ضرورية 
لابد من ايضاح قبل المضي في الحديث عن النجاح والاخفاق تحت سماء كندا
فأنا لا أدعو بصراحتي في نقل صورة المهاجر المصري الي تثبيط همم الراغبين في الهجرة. وأنا لا أعادي أساسا فكرة الهجرة. ان هذه السطور لا هدف لها الا المحاولة المتواضعة للتعقيل والترشيد. تعقيل أي انسان يتخذ قرارا بالسفر الي كندا, ومحاولة ترشيده.

ولندخل في الموضوع مباشرة..
ان كل مصري قابلته تصرف- في بداية هجرته- علي الطريقة المصرية, ولكنه وجد قانونا حادا كالسيف, فتراجع وخضع للقواعد وصار "كنديا".

ان المهاجرين المصريين نقلو الي كندا كل مساوئ المصري في بلاده! بلا تردد, فان الكثير من المصريين في كندا يعيشون مجتمع النميمة والقر والحقد, وكل الصور البذيئة التي كنت أتصور أنهم تخلصو منها تحت سماء بلادهم الجديدة لكنهم للأسف مازالو مخلصين لها. ولكي أكون منصفا فان هؤلاء المهاجرين يعانون من فراغ شديد. بعضهم-مثلا-لايعمل, ولأنه مهاجر يعتمد علي معونة الدولة. وبعضهم يذهب الي الجامعة ويدرس اي شئ ويتنازل عنه فجأة ليدرس شئ أخر ويظل هكذا حتي يحصل علي أعانة الدراسة الجامعية, وبعض هؤلاء المهاجرين فهم لعبة التأمين, وكيف أنه يتكفل بالمؤمن عليها في خالات العجز والمرض والبطالة, فاذا أصيب أحدهم استمرأ الحصول علي اعانة التأمين والسيارة الجديدة بدلا من القديمة. وتعجب المهاجر حياة "التنطع" والنوم في العسل, ولايفيق مادام ضميره ميتا وكبرياؤه وكرامته في حالة اختفاء!

كنت أناقش في أونتاريو بعض هذه الحالات الفاشلة, قالو لي: انهم يعجبون بهذه الحياة السهلة.
واكتشفت انهم عاطلون من المواهب والكرامة...فأشفقت عليهم, ووفرت علي نفسي مشقة اقناعهم بالبحث عن عمل. هؤلاء المهاجرون المصريون للأسف لايصنعون نجاحا مشتركا مثلما فعل البنانيون أو السوريون, لأنهم يدورون في حلقات من مفرغة من الفراغ والاأنانية واستمراء معونة الحكومة الكندية!


اذا أعجبك هذا المحتوي فاشترك ليصلك منا كل جديد

هناك تعليق واحد: