الأربعاء، 11 فبراير 2015

من يوميات مدرس مصري في مدرسة كندية


   أول يوم دخل الفصل وضعوا أحذيتهم فى وجهه فكاد يصفعهم ويرتكب جريمة ، ولكنه تمالك أعصابه وابتسم ،برغم من أن الاحذية لم تتحزح من مكانها وفي اليوم الثانى دخل الفصل ، وأشعلت تلميذة ملائكية الوجه سيجارة وراحت تنفث دخانها بمتعة فغلى الدم فى رأسه ٠ وكاد يرميها بأى شيئ، وتوقف عن الدرس حتى تنتهى من التدخين . وفى اليوم الثالث استدعوه ليقول رأيه فى جرعة كبيرة من الثقاقة الجنسية على وشك أن يتلقنها ابنه الطفل فاحتج ورفض وتوتر واستسلم . هذه يوميات مدرس مصري ناجح فى إحدى المدارس الكندية التقطتها بصعوبة من خلال حوار معه وفيما يلي الجزء الأول روايته بالتفصيل:

     أتذكر أول مرة دخلت الفصل فى مدرسة كندية , فوجئت بمشهد لم أتوقعه ٠ كان التلاميذ قد وضعو أقدامهم فوق التخت ، فى وجهى مباشرة .. غلى الدم فى راسي و كدت ارتكب جريمة و أصفعهم وليكن مايكون .. لكنى ترويت ولا أدري كيف ترويت. الذى أذكره أننى كنت أرتعش من الغضب والتوتر وأحسست أن كرامتي سقطت فى أول  امتحان ٠ وفى ثوان كنت أسترجع فى ذاكرتى الوجوه الطيبة ، وجوه تلاميذي في الخرنفش. مرت دقيقة كأنها دهر الأحذية فى وجهي لا تريد أن تتحرك .ابتسمت فربما يتغيرالموقف ولكن الأحذية  لم تتراجع ٠ صرخت : اجلسوإ فى أدب . وفجأة قام أحدهم وقال " نحن لا نقصد إهانتك ياسيد ملطي اننا نجلس كما نشاء هذه الطريقة تريحنا انها مسألة راحة ا أكثر ولا أقل ٠ لا علاقة لها بالأدب والأخلاق . ونحن أحرار فى الأسلوب الذى نجلس به إن آذاننا صاغية لك فدعنا نجلس كما نشاء " . كنت وأنا أستمع إلى هذه « المحاضرة » من التلميذ الكندى جورج بونرارد، وأجترصورتلاميذى فى مدرسة الخرنفش أكاد أختنق ٠ قدمت نفسي فى اقتضاب وبدأت أشرح الدرس الأول ، والأحذية فى وجهى أستطيع أن أملأ الصفحات لو سجلت انفعالانى المرة خلال تلك الحصة. وبعد ذلك عرفت أن الكندي تلميذا  كان أوأبأ أو عجوزا يعبر عن نفسه بهذه الطريقة ٠ والفرق فى المعايير التى تقاس بها الأخلاق والسلوك ٠ و المعيار الذى يقاس به « احترام » الصغير للكبير .


    وفي فصل ثاني بالمدرسة نفسها التي تضم 2700 تلميذ وتلميذة , اخرجت تلميذة رقيقة حالمة وجهها ملائكي علبة سجائرها من حقيبة الكتب ، وأشعلت سيجارة . ولم أصدق ما أرى أمام عينى ٠ لكنه حقيقة ٠راح الدخان يتصاعد ، وشارلوت تسألني سؤالا وتأخذ نفس. ومضت ثوان ثقيلة فكرت أن أرميها بأى شيئ . لكنى ضبطت أعصابي ٠ كل الذى فعلته احتجاجا على هذه الصورة البذيئة أن توقفت عن الدرس حتى يتوقف التدخين فى الفصل ٠ ولكن يبدو أنى كنت أعاند نفسي و يبدو أنى-كمدرس حديث ، مستجد على المدارس الكندية -كنت احتج على حجم الحرية التى يتمتع بها تلاميذ « المدرسة العالية » فى باكينجهام ، وكل المدارس وكنت اتصرف بطريقة من يناطح الحجر.

   يحب أن تنسي المقاييس الخلقية اتى تعودتها فى مصر ,وفى الشرق عمومآ ٠ ‎ ‏ ‏التدخين شائع في المدارس الكندية 90% من التلاميذ يدخنون و70% من التلميذات لاتفارق السجائر شفاههن الوردية! ‏ المخدرات شائعة بين التلميذات والتلاميذ. 25% من التلاميذ يتعاطون الماريجوانا و15% من التلميذات يحتفطن بأصناف أخري في جيبوهن.   الجنس منتشر جدا اكاد أعرف جيدا العلاقات التي تربط تلميذا في فصل بزميلته انها تبدأ بقصة حب هادئة , يجب ان تنسي-كما سبق وان ذكرت لك المقاييس الخلقية المعتادة في الشرق الاوسط وقد قضيت شهورا طويلة في صراع قاسي مرير أمارس فيه انواعا من اليوجا النفسية العنيفة وهو كيف اتأقلم علي كل هذه "البلايا والمصائب"   لقد كانت هذه المشاهد اللاخلقية في تصوري اشبه بالصدمات  الكهربائية -ولو أن هناك مقاطعات محافظة في كندا.ربما اكثر من بلاد الشرق, الأولاد لا يدخنون, المخدرات لايذكر اسمها ,العذرية قائمة ومرغوبة. ‎ ‏ وأعترف أن تلك المشاهد اللاخلقية التى تسود الأغلبية العظمى من شباب كندا قد اصطدمت بمعتقدات ثابتة فى رأس ٠


   ولكن هل أحيا بمعتقداتي تحت سماء كندا , وكيف بدون أن تسيل دماء كرامتى؟ تلك كانت المعادلة الصعبة.....
يتبع.

المصدر: كتاب كندا حلم المهاجرين, دار المعارف



اذا أعجبك هذا المحتوي فاشترك ليصلك منا كل جديد

هناك تعليق واحد:

  1. واضح جدا ان المقال جانبه الصواب في كثير مما حكاه، وخاصة الجزء الخاص بالنسب المئوية وعليه ان يقارنها بامريكا مثلا!

    ردحذف