يتفق عدد متزايد من المشرعين الألمان من مختلف ألوان الطيف السياسي على شيء واحد: لقد حان الوقت للاقتداء بكندا قليلا . فقد برزت كندا كنموذج بينما تبذل ألمانيا تبذل قصارى جهدها لموجة جديدة من عدم الارتياح إزاء نهجها للهجرة. حيث توتر الرأي العام في ألمانيا منذ الخريف الماضي، عندما بدأ الآلاف باثارة الجدل بحضورهم احتفالات معادية للمهاجرين والمشاركة في مسيرات ضد الإسلام.
المسيرات، التي انحسرت قليلا منذ حينها، انبثقت عن استياء أوسع من سياسات الهجرة في المانيا. ويبدأ الساسة الأن النظر في إصلاح القانون بطرق تساعد الاقتصاد الالماني على المدى الطويل، وتخاطب ايضا المزاج السياسي الحالي للشعب الالماني.
امام هؤلاء الساسة مكان واحد يبحثون فيه عن الالهام وهو كندا، وذلك على الرغم من التغييرات الهامة والتي لا تزال غير مجربة لنظام الهجرة الكندي والتي تنفذها الحكومة الكندية ابتداء من هذا العام.
ففي الأسبوع الماضي، طرح الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وهو الحزب الأصغر في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، خطة لإصلاح قانون الهجرة في البلاد مع التركيز علي المثال الكندي. على وجه الخصوص، فإن هذه الخطة تتبني استخدام كندا معايير محددة - مثل مستوى التعليم والخبرة في العمل - لحصر عدد من النقاط لتقييم المرشحين للهجرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تخلت أوتاوا فيه عن نفس النظام لصالح عملية هجرة جديدة تفضل من لديهم بالفعل عرض عمل في كندا كما تعطي ادارة الهجرة السلطة التقديرية لاختيار المرشحين.وهما النقطتان اللذان عرضتا النظام الجديد لانتقدات في كندا.
اما بالنسبة لألمانيا، فان النقاش حول كيفية إدارة الهجرة أمر بالغ الأهمية لمستقبلها. وتواجه البلاد هوة ديموجرافية تتمثل في أعمار السكان وتقلص الأسر من شانها أن تؤدي الي انكماش السكان في سن العمل بنحو سبعة ملايين على مدى السنوات ال 10 المقبلة، ووفقا لرأي الحزب الاشتراكي الديمقراطي فان الشركات تشكو بالفعل من صعوبة العثور على الموظفين ذوي المهارات العالية.
في الوقت الراهن، تستفيد ألمانيا حاليا تستفيد من ضربة حظ، كما يقول خبراء الهجرة. فكأقوى اقتصاد كبير في المنطقة، نجحت المانيا في اجتذاب العمال المهرة من بقية دول الاتحاد الأوروبي. ولكن إذا شهدت الاقتصادات الأوروبية الكبرى بداية لانتعاش، سوف يقل تدفق القوي العاملة عليها. وهذا يعني أن ألمانيا سوف تضطر إلى النظر إلى أبعد من الاتحاد الأوروبي للمصادر المستقبلية من المواهب المهاجرين.
في السنوات الأخيرة، أصبحت ألمانيا الوجهة الثانية الأكثر شعبية للمهاجرين في جميع أنحاء العالم بعد الولايات المتحدة وقد استوعبت البلاد 437،000 من المهاجرين في عام 2013، وهو أعلى رقم منذ 20 عاما. وقد استمر هذا الرقم إلى الصعود في الأشهر الستة الأولى من عام 2014، وفقا لأحدث الإحصاءات المتاحة من الحكومة الألمانية.
ومع ذلك، هناك شعور في ألمانيا أن هذا النهج في الهجرة ليس شفافا ولا كفؤا. فمعظم الوافدين الجدد يأتون من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، التي لا تواجه أي قيود على دخول مواطنيها ألمانيا أو العمل هناك . بينما يتصاعد عدد اللاجئين الذين يتدفقو إلى البلاد . ففي العام الماضي قفز عدد الطلبات الجديدة للحصول على اللجوء نحو 60 في المائة من العام 2013.
وفي حين أن غالبية الألمان يقولون انهم يشجعون التنوع، لا تزال الهجرة موضوع حساس. فقد أظهر استطلاع للرأي نشر الشهر الماضي من قبل المفوضية الأوروبية أن 61 في المائة من الألمان لديهم وجهات نظر سلبية حول الهجرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي. وقد عبر عدم الارتياح عن نفسه في تشكيل حركة PEGIDA اليمينية التي تكافح اسلمة الغرب والتي بدأت في استقطاب الآلاف إلى المظاهرات الأسبوعية.
بالنظرة الي كندا يجد السياسيون الألمان نظام هجرة مفتوح يجذب مجموعة كبيرة من المتقدمين المؤهلين، والأهم من ذلك، يتمتع بالدعم المحلي واسع النطاق. فعندما رفعت الحكومة هاربر حصة الهجرة إلى كندا في عام 2015، على سبيل المثال، سبب ذلك بالكاد اي اعتراض بين الكنديين.
علي هذا الاساس قدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الأصغر في الحكومة الائتلافية الالمانية اقتراحا رسميا اعتماد على أساس التقييم بالنقاط. وعبرت مجموعة من المشرعين الشباب داخل الحزب الديمقراطي المسيحي أيضا عن الدعم لمثل هذا النظام، وكذلك الخضر، مع بعض التغيرات. حتى اعضاء الحزب المحافظ الجديد يقولون انهم يؤيدون النهج الكندي. بينما رفض حزب اليسار المتطرف في البرلمان الألماني الاقتراح.
ولكن رد فعل انجلا ميركل كان فاترا على الخطة الجديدة، واصفة قضية اللاجئين بأنها ملحة اكثر من الهجرة. بينما أكد مجلس الخبراء الهجرة أن ألمانيا لا تحتاج إلى نظام النقاط في الواقع مثل كندا. فهناك بالفعل طريقة للعمال ذوي المهارات العالية من دول خارج الاتحاد الأوروبي للهجرة، من خلال ما يعرف ببرنامج "البطاقة الزرقاء"منذ عام 2012.
المصدر : جلوب اند ميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق