الخميس، 26 مارس 2015

مفيد فوزي يكتب عن كندا جنة الأطفال




   ان الطفل في كندا كلمة مسموعة,  انه دنيا قائمة بأسرها. ان كل سلعة متعلقة به معفاة من الضرائب!

    في كندا يتقاضي الطفل مرتبا من الدولة منذ لحظة ميلاده وهو مازال في اللفة "يوأوأ" واذا كان الطفل غير شرعي سألت أمه هل تضمينه اليك. واذا وافقت منحتها الدولة اعانة (اذا لم يكن لها مصادر دخل اخري), واذا رفضت تبنته الدولة, وسقطت مسؤولية  أمه عنه , مدي الحياة!

     قد تتبني الطفل أسرة كندية ثرية يحمل الطفل اسمها. وله حقوق في الميراث تتساوي تماما مع الأبناء الشرعيين. ان الدولة لا تفرط في "مواليدها" بسبب أباء جبناء يرفضون الاعتراف بثمراتهم, الدولة تحتضن هؤلاء الذين لا ذنب لهم.

   هذا يحدث في كندا: يستطيع الطفل أن يشكو للبوليس من قسوة أبيه. ان ضابط البوليس لن يهمل شكوي الطفل باعتباره "عيل". سوف يتوجه الضابط الي بيت الطفل ويسأل الجيران عن قسوة الأب فاذا  اثبت قسوته, دفع غرامة , فاذا تكررت القسوة, اضطر البوليس أسفا ان يسحب الطفل من يد أبيه. واذا أبلغ الجيران البولس أن أبا وأما تركا ابنهما في البيت ذهب البوليس وتحري الأمر وقد توجه للوالدين تهمة الاهمال ويتعرضا للمسائلة القانونية.

   هذا يحدث في كندا: في كل مكان ركن للأطفال, في دور السينما حفلات خاصة للأطفال. في المتاحف يوم مخصص للأطفال. يذهب الأطفال للمتحف ويقضون فيه ساعتين ويتجولون بلا أباء ولا أمهات. مرشدة حنون فقط ترافقهم. في وقت الظهر يقدم لهم بوفيه المتحف المشروبات والأطعمة. يتضرف الصغار كالكبار ويحصلون علي مايريدون . المرشدة الحنون رحبة الصدر تجيب علي كل سؤال يخطر ببال الأطفال. أول درس يتعلمه التربيون هو : لا تهمل أسألة الطفل. أجب عن أي سؤال يخرج من شفتي الطفل.

   20% من الأفلام التسجيلية في كندا مخصصة للأطفال. نشاطهم لعبهم شقاوتهم...كاتب برامج الأطفال في التليفزيون يتقاضي أعلي الأجور...مخرج الأطفال له سمعة اجتماعية مرموقة. ناشر وكاتب قصص الأطفال يتصدر حفلات الأدب والفن.

    هذا يحدث في كندا: اللعب يشتهيها الكبار قبل الصغار...سال لعابي أكثر من مرة أمام قطار يتحرك بالكهرباء ويجري فوق القضبان ...سال لعابي امام ارجوحة مبتكرة. سال لعابي امام عروسة تتكلم وتغني وتبكي وترقص. كل أنواع اللعب التي يتصورها العقل تغمر الأسواق..مصانع لعب الأطفال معفاة من الضرائب. اي بيت كندي لا تستطيع ان تحصي عدد اللعب فيه .

    الطفل في سن الثامنة والتاسعة يحلم ببطولة الهوكي. والده يشتري له كل عدة الهوكي. يعرف أسماء اللاعبين وأحيانا يراسلهم اذا التقط العنوان من صحيفة أو مجلة...بالمناسبة في كل مجلة او جريدة مساحة مناسبة للحديث عن الأطفال...في الاذاعة برنامج يومي موجه للكبار وموضوعه : حقوق الصغار.

    عند مدارس الأطفال تتوقف السيارات تماما أو تهدأ السير. وأمام الأطفال منظم مرور يتولي المساعدة في عبور الشارع. وخلف كل اتوبيس مدرسة مكتوب : نرجوك لا تسرع, ليعبر كل الأطفال في أمان.  ملابس الاسكيمو للكبار التي يشترونها لاتقاء اخطار العواصف الثلجية مثلها أيضا للصغار . أي شئ يباع للكبار يستطيع الأطفال الحصول عليه بأحجام مصغرة. داخل اي متجر ملابس او مركز تجاري عربات صغيرة للأولاد. وفي اي مكان يوزعون هدايا صغيرة ليجبرو الأهل علي العودة الي المحل التجاري نفسه...ذكاء اعلاني.

     حدائق الصغار هي جنات خضرة وملاعب واراجيح ...وحدائق حيوانات صغيرة تشد انتباه الأطفال. قال ترودو (رئيس وزراء كندا السابق) ذات مرة لأحد المسؤولين في وزارة البناء: حدائق الاطفال لا تهدم, انها في قداسة الكنائس وبيوت الله.

   نعم هذا يحدث في كندا

    قال لي المدرسون المصريون المقيمون في كندا أن الطفل الكندي لا يتمتع بمهارة الطفل المصري أو شطارته او ذكائه , ولكنه طفل سعيد جدا. لا أظن أن طفلا في العالم يشعر بالسعادة كما يشعر الطفل الكندي. لقد رايت طفال العالم في أكثر من دولة, انهم جميعا ينالون الحب والعطف والحنان والاهتمام ولكن الكندي ينال كل هذا بجرعات كبيرة من الاب الي الدولة فضلا عن شيئ اخر وهو الاحترام.

ان للطفل في كندا كلمة مسموعة. انه دنيا لها وزنها وكيانها.

يوم سافرت من كندا عائدا الي مصر, بكت ابنتي حنان وكانت تصحبني في الرحلة. بكت بشدة كأنها تبكي مجتمعا احترمها , واهتم بها وخصها بحنانه واهتمامه فقد كانت تقضي وقتها بين الحدائق واللعب والمتاحف. وحين حان وقت السفر تشبثت بالبقاء  ولهذا ظلت تبكي وتطل من شباك الطائرة بحسرة غامضة!

*مقتطفات من كتاب كندا حلم المهاجرين للكاتب مفيد فوزي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق