لسنوات تمتعت ايلين هاسلهوف بوظيفة كصرافة في مطعم للوجبات السريعة في تورنتو. كانت ايلين لا تكسب الكثير في وظيفتها الثابتة، فقد كانت تجني الحد الأدني من الأجر، ولكن على الأقل كان لديها ساعات عمل عادية تسمح لها بتخطيط حياتها وادخار القليل للتقاعد. كل ذلك تغير منذ بضع سنوات عندما تم فجأة تقليص ساعات عملها، وعمت الفوضي جدولها الزمني وانخفض دخلها. تعمل ايلين حاليا بمعدل 15 ساعة أسبوعيا وأحيانا 12 ساعة فقط. بل أنها في كثير من الأحيان تحصل على مكالمة من مدير عملها يطلب منها أن تأتي في أخر لحظة أو أن تبقي في عملها حتي وقت متأخر، وهكذا تبخرت مدخرات ايلين وهي تعتبر نفسها محظوظة الأن اذا استطاعت دفع فواتيرها الشهرية.
أما روبيني وهي أم من تورنتو تبلغ 41 عاما طلبت عدم ذكر اسمها كاملا لكي لا يقلل ذلك من فرص حصولها علي وظيفة, فقد عملت علي مدار اعوام في حضانة أطفال تبعا لطلبها عبر الهاتف.وتترواح ساعات عمل روبيني حاليا من 6 الي 35 ساعة أسبوعيا. وقد سبب لها هذا الوضع عدم استقرار في المنزل فهي تضطر احيانا الي ايقاظ ابنها البالغ من العمر سبعة سنوات الساعة السادسة صباحا وأخذه الي حضانة أطفال لكي تتوجه هي للعمل في حضانة أخري تبعد 45 دقيقة عن مقر سكنها. في بعض الشهور عندما لاتعمل روبني عددا كافيا من الساعات تضطر الي تأخير دفع الايجار وتتحمل غرامة 45 دولار بسبب ذلك. "انني أعيش في ضغط نفسي" كما علقت روبيني.
ايلين وروبيني هما اثنتان من ما يقرب من مليون كندي يعملون بدوام جزئي بينما هم يفضلون العمل بدوام كامل. وقد شهد العديد منهم تلاشي الوظائف العادية ذات الدوام الكامل لتحل محلها أخري بدوام جزئي أو مؤقت دون تأمينات صحية أو خطط للتقاعد.
هذا النوع من الوظائف غير المستقرة لم تجذب نظر المحللين كثيرا, حيث يتجه اهتمامهم الي تسجيل فرص العمل الجديدة بصرف النظر عن عدد الساعات , استقرار الوظائف, أو المنافع التي يحصل عليها الموظفون.
وتقول الاحصائيات أنه في العام الماضي وحده استحوذت الوظائف بدوام جزئي علي 80 في المائة من صافي فرص العمل الجديدة, وبلغت نسبة العاملين في الوظائف ذات الدوام الجزئ 19.3 في المائة، وهي أعلي نسبة سجلت حتي الأن. ويشكل الجزء الأكبر من العاملين بدوام جزئي أشخاص من تتراوح أعمارهم بين 25 و عاما54 عاما وينتمون الي الجنسين وفقا لبيانات جمعتها هيئة الاحصائات الكندية. بالاضافة الي ذلك فان الوظائف المؤقتة والمحددة في عقد العمل بفترة معينة قد نمت إلى 13.4 في المائة من قوة العمل بعد أن كانت 11.3 في المائة في عام 1997. وقد لاحظت هيئة احصائات كندا أيضا أن الموظفين المؤقتين يعانون من انخفاض الأجور والفوائد و فرصا أقل في التدريب بشكل أكبر من الموظفين الدائمين.
في العقود السابقة كانت الشركات تري الموظفين كاستمثار وتعاملهم مثل الأصول التي سيتم تطويرها على المدى الطويل. أما الآن، كما يقول وايني لوتشوك وهو أستاذ في الاقتصاد في جامعة ماكمستر فان الشركات " غالبا ما تنظر إلي الموظف باعتباره مسؤولية أو تكلفة يودون أن تصل الي الحد الأدنى كلما أمكن ذلك.والحقيقة هي أن اقتصادنا قد أصبح تنافسيا بشكل أكبر بكثيرالآن مما كان عليه قبل 40 أو 50 عاما. إنه عالم وحشي بالنسبة للشركات، ولذلك يبحثون عن سبل لخفض التكاليف. لذلك نشهد الأن ميل الشركات الي حماية نواة من الموظفين الدائمين واحاطتهم بمجموعة من الموظفين الهامشيين الذين يتم التعاقد معهم علي حسب المهام المطلوبة". وقد أجري وايني لوتشوك استطلاعا علي 4،000 شخص في منطقة تورونتو الكبرى وهاميلتون ووجد أن ما يقرب من نصف الموظفين يعملون الآن في وظائف ذات درجة معينة من انعدام الأمن - سواء كانت عقود قصيرة الأجل أو عمل لحسابهم الخاص، أو العمل بدون تأمينات. وأوضح البحث أن لهذا الوضع عواقب واضحة ليس علي الحالة المادية للموظفين فحسب ولكن أيضا علي حالتهم الصحية وعلي حياتهم الأسرية ومشاركتهم المجتمعية.
الحلول التي قدمتها دول أخري لنفس المشكلة
أدخلت عدة دول سياسات تهدف إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى مرونة سوق العمل ومع مصلحة للعمال. وهاهي بعض التدابير:
الدانمارك
من المعروف أن الدنمارك تتمتع بمعدل إنتاجية عالي و سوق عمل مرن، مما يعني أنه من السهل نسبيا توظيف العمال والاستغناء عنهم . ولكن في ظل سياسة"الأمن المرن" التي تتبعها الدنمارك، فان العمال الذين يفقدون وظائفهم لديهم شبكة أمان قوية - فهم يحصلون على إعانات بطالة سخية ولديهم فرص جيدة في الحصول على تدريب وتطوير مهاراتهم الوظيفية.
من المعروف أن الدنمارك تتمتع بمعدل إنتاجية عالي و سوق عمل مرن، مما يعني أنه من السهل نسبيا توظيف العمال والاستغناء عنهم . ولكن في ظل سياسة"الأمن المرن" التي تتبعها الدنمارك، فان العمال الذين يفقدون وظائفهم لديهم شبكة أمان قوية - فهم يحصلون على إعانات بطالة سخية ولديهم فرص جيدة في الحصول على تدريب وتطوير مهاراتهم الوظيفية.
أستراليا
لدي استراليا حد أدنى للأجور يبلغ 16،52 $ وهوأعلى من الحد الكندي الذي يزيد قليلا عن 10 دولارات في المتوسط. ويحق للعمال المؤقتين مدفوعات اضافية تبلغ نحو 25 في المائة للتعويض عن عدم وجود إجازة مرضية وغيرها من الفوائد. لدي أستراليا أيضا لجنة ممولة فيدراليا لفرض سياسات العمل العادلة، ومحكمة مستقلة لعلاقات العمل تشكل شبكة أمان لضمان ظروف العمل الجيدة وتساعد على حل النزاعات.
هولندا
العمل بدوام جزئي هو السائد في هولندا، وخاصة بين النساء، ولكن معظم العاملين بدوام جزئي مؤهلين للحصول على التأمينات. هذا يعني أنه يمكنهم الحصول على إعانات بطالة ومعاشات وأجازات على غرار العاملين بدوام كامل، بمعدلات متناسبة مع ساعات عملهم.
المصدر
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق