الخميس، 24 يوليو 2014

كندا تكافح زواج القاصرات بين الجاليات الاسلامية

نقلا عن الحياة

الصورة من اليمن وترجع الي  عام 2011 التقتها المصورة ستيفاني سينكلير التي وثقت ظاهرة زواج الاطفال في الدول الاسلامية لمدة 8 سنوات

تعيش في كندا جاليات إسلامية كبيرة متعددة ومتنوعة بعاداتها وتقاليدها وثقافاتها ولغاتها، ومتفاوتة بمستوياتها الفكرية والعقائدية والحضارية. وهي تشكّل وفقاً لآخر الإحصاءات الرسمية (عام 2011) أكثر من 3.2 في المئة من عدد السكان البالغ عددهم حوالى 32.9 مليون نسمة. ولا تزال ترفد مختلف المقاطعات الكندية بأعداد كبيرة تثير قلق بعض الفئات وتصفها بـ «الغزو الإسلامي».
وأعلنت الحكومة الكندية أخيراً بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة «يونيسيف» بدء مرحلة جديدة في مكافحة الزواج القسري والمبكر المنتشرة غالباً في أوساط المجموعات «الاتنو- إسلامية»، لا سيما الفتيات دون سن الثامنة عشرة. وتُدعم هذه الحملة ببرامج توعية اجتماعية وتثقيفية رصد لها مبلغ 5 ملايين دولار سنوياً لمدة عامين. وأوضح وزير الخارجية جون بيرد أن الحملة تستهدف القاصرات في جاليات بنغلادش وبوركينا فاسو، وإثيوبيا وغانا وزامبيا واليمن.
وأكد بيرد أن «عائلات ترغم بناتها الصغيرات في سن التاسعة على الزواج»، واصفاً هذا الواقع بـ «الحقيقة المخزية»، لا سيما أنه في كل يوم يرغم أكثر من 38 ألف فتاة قاصر على الزواج. ولفت إلى أن هذه المشكلة «معقدة وواسعة وتتطلّب عملاً جاداً على المستوى العالمي».
وتقدّر إحصاءات الأمم المتحدة عدد الفــتيات دون الـ18 ســنة اللواتي يتزوجن كل عام بحــوالى 14 مليــون فتاة، وأن واحدة من كل 9 فتيات تتزوج قبل بلوغها سن الـ15 سنة.



وبحسب بيرد، يثير الزواج القسري قلق المجتمعات المتحضرة وينتهك حقوق الإنسان والطفل معاً، ويخلّف تداعيات سلبية على التنمية الاقتصادية والبشرية. وأكد «أن مثل هذه العادات والتقاليد لا تتآلف مطلقاً مع قيمنا وثقافتنا»، واعترف أن ظاهرة الزواج المبكر منتشرة في أوساط الجاليات الإسلامية والعربية المقيمة في مختلف المقاطعات الكندية، وكشف معلومات صادرة عن مكتب الشرطة الملكية في تورنتو تفيد بأن 200 حالة زواج قسري تسجّل سنوياً، وتبقى حالات كثيرة طي الكتمان لدواعٍ أخلاقية وعائلية واجتماعية وأمنية. وأعلن أن وزيرة شؤون المرأة كيلي ليتش تتولى ملف القاصرات المسلمات لمعالجة هذه الظاهرة. كما كشف عن الإعداد للقاءات مع فاعليات وجمعيات إسلامية وعربية «ضماناً وحرصاً لئلا تقع أي فتاة في كندا ضحية هذا الزواج الذي يضر بسمعة بلدنا ويشوّه جوهر الديانة الإسلامية».
يذكر أن الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الكندية يدرج على لوائحه دولاً عربية تبيح الزواج المبكر والقسري وانتقال عدواه إلى الجاليات المصرية والليبية والسودانية والجزائرية والمغربية المقيمة على أراضيها.
من جانبه، اعتبر مدير مكتب اليونيسيف في كندا أنتوني ميك، أن «الزواج المبكر يحرم الفتيات من حقهن في اتخاذ القرارات، ويحد من خياراتهن في المستقبل، فيعانين من تربية الأطفال والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية».
وتنظر المحاكم الكندية بقضايا الزواج القسري من منطلق شرعة الأمم المتحدة التي تعرّف الطفل بأنه كل إنسان يقل عمره عن 18 سنة، ما يعني أن مفاعيل أي زواج مماثل لا يقوم على إرادة حرة أو على عقد صحيح، وبالتالي فهو فاقد الأهلية ولا يُعتد به قانوناً.
وإجمالاً، تُعتبر المحاكم الكندية المرجع القضائي شبه الوحيد الذي تصدر عنه المعلومات المتعلقة بالزواج القسري، في ظل ما يلفه من تعتيم مقصود. وتنظر بما معدّله حالة واحدة إلى خمس حالات في الأسبوع، وتصفها بأنها «معقدة جداً».
ومن القضايا التي فصلت بها المحاكم الكندية أخيراً، زواج نجوى ماهر في تورنتو. وهي طالبة في سن الـ15 سنة أرغمت على الزواج من شخص في الـ20 من عمره. وتعرّضت لمعاملة قاسية وإهانات بالغة وضرباً مبرحاً، وهددها بالقتل إذا أخبرت الشرطة. فاضطرت إلى الهرب ولجأت إلى المحكمة التي قضت بطلاقها وتوفير الحماية القانونية لها.
وتؤكد الباحثة الاجتماعية مادلين لمبولي أن معظم الدراسات والإحصاءات في كندا تجمع على أن الإعلان عن الزواج المبكر والقسري يندرج في إطار المحرمات «تابو». ولا يتجاوز معدّل الحالات المُعلن عنها في أوساط الجاليات الإسلامية والعربية 20 إلى 25 في المئة. في المقابل، تفيد البلدان الأوروبية بمجمل حالات الزواج المبكر والقسري السائد في أوساط الجاليات الإسلامية. ففي بريطانيا مثلاً هناك حوالى 2000 حالة، وفي المانيا حوالى 1000 حالة، وبلجيكا 1900 وفرنسا حوالى 70 ألفاً. علماً أن إحصاءات الأمم المتحدة تشير إلى أن 10 ملايين شخص في العالم يتزوجون قبل سن الثامنة عشرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق